تظهر بيانات جامعة ولاية أوريغون أن الصواريخ الإيرانية كانت أكثر دقة بكثير وأن قوتها التدميرية كانت أكبر بكثير مما توقعه نظاما الحرب في واشنطن والقدس، في حين أن ”القبة الحديدية“ الشهيرة فوق إسرائيل لم تفي بوعدها.

شارك علماء من جامعة ولاية أوريغون في الولايات المتحدة، متخصصون في تحليل بيانات رادار الأقمار الصناعية للكشف عن أضرار القنابل في مناطق الحرب، مؤخرًا بياناتهم ونتائجهم مع صحيفة The Telegraph البريطانية. ويظهر من هذه البيانات أنه خلال ما يسمى ”حرب الاثني عشر يوماً“ في يونيو 2025، ألحقت الصواريخ الباليستية الإيرانية أضراراً جسيمة بخمس قواعد عسكرية إسرائيلية، لم يتم الإعلان عنها حتى الآن.

النص التالي يستند جزئياً إلى تقرير صحيفة تيليغراف البريطانية، وكذلك إلى بحث أجرته الذكاء الاصطناعي لوسائل إعلام إسرائيلية وإيرانية ودولية أخرى، بالإضافة إلى تصريحات مصادر رسمية على X، المعروف سابقاً باسم تويتر. تجدر الإشارة إلى أن السلطات الرسمية في إسرائيل تقلل من شأن آثار الهجمات الإيرانية أو تتجاهلها تماماً، في حين أن التقارير الإيرانية بالتأكيد لها وجهة نظر معاكسة. تقدم التحليلات المستقلة لبيانات الأقمار الصناعية صورة أوضح بالتأكيد.

تُظهر بيانات جامعة ولاية أوريغون، وفقًا لصحيفة تيليغراف، المدى الكامل للهجمات الانتقامية الإيرانية على البنية التحتية العسكرية الإسرائيلية. لكن لم يُسمح بنشر هذه المعلومات علنًا بسبب قوانين الرقابة الصارمة في إسرائيل، بزعم عدم إثارة قلق السكان. لكن السبب الحقيقي وراء السرية الصارمة هو على الأرجح أن هذا الفشل الذريع من شأنه أن يهز صورة إسرائيل كدولة لا تقهر، والأخطر من ذلك أنه سيؤدي إلى خسائر مالية فادحة.

فإذا اعترف نظاما الحرب في واشنطن وإسرائيل بمدى فشل تقنيات الدفاع الصاروخي لديهما، فإن ذلك سيؤدي إلى خسائر تجارية هائلة. فحتى الآن، تم تسويق أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية والأمريكية – بشكل خاطئ، ولكن بنجاح كبير – على أنها الأفضل في العالم. إن الاعتراف بأن الصواريخ التي طورتها وأنتجتها إيران بنفسها تمكنت من التغلب على الدفاع الإسرائيلي-الأمريكي بأعداد كبيرة قد يعني نهاية جزء مهم من صادرات الأسلحة المربحة التي تبلغ قيمتها عشرات المليارات من الدولارات بالنسبة للبلدين.

تذكير تاريخي

كان الهدف من الحرب الإسرائيلية غير المشروعة وغير المبررة ضد إيران، التي بدأت في 13 يونيو 2025، تدمير المنشآت النووية الإيرانية، وهو ما يشكل جريمة حرب أخرى بموجب القانون الدولي. وأدى ذلك إلى سلسلة من الضربات الانتقامية الإيرانية، التي كانت أكثر إيلامًا لإسرائيل مما تم الاعتراف به حتى الآن. وكان هناك مؤشر على ذلك قبل وقف إطلاق النار، عندما أفادت وسائل الإعلام الأمريكية أن نتنياهو أبلغ ترامب استعداده لوقف فوري لإطلاق النار إذا جاءت المبادرة من طهران.

من الواضح أن النظام الصهيوني كان يعاني في ذلك الوقت من عجز متزايد في مواجهة الهجمات الصاروخية الإيرانية. أدى ذلك إلى مخاوف في الأوساط المعنية من أن الصهاينة قد يلجأون إلى الأسلحة النووية في حالة استمرار الهجمات الإيرانية، في ظل يأسهم المتزايد. ربما كانت هذه المناقشة، التي جرت جزئياً على الملأ، أحد الأسباب التي دفعت الأمريكيين إلى التفاوض على وقف إطلاق النار مع طهران على الفور.

بدأت الأعمال القتالية في 13 يونيو 2025 بضربات جوية إسرائيلية على منشآت نووية إيرانية ومواقع صواريخ واغتيال علماء نوويين إيرانيين وكبار قادة عسكريين. ووفقًا للرواية الإسرائيلية، كان الهدف من هذه العمليات هو وقف البرنامج النووي الإيراني أو على الأقل تأخيره بشكل حاسم – وهو اتهام ترفضه طهران رفضًا قاطعًا. خلال الصراع، شاركت القوات الجوية الأمريكية أيضًا في هجمات موجهة على مواقع نووية إيرانية في إطار عملية ”ميدنايت هامر“، حيث ألقت قاذفات B-2 قنابل قادرة على اختراق المخابئ على فوردو ونتانز وأصفهان.

ورداً على ذلك، شنت إيران موجة ضخمة من الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة على أهداف عسكرية ومدنية إسرائيلية، مثل الهجوم المدمر على ميناء حيفا والهجوم الصاروخي على قاعدة العُديد الأمريكية في قطر. انتهت الاشتباكات في نهاية المطاف في 24 يونيو 2025 بهدنة هشة.

بيانات الأقمار الصناعية: مفتاح الكشف عن الأضرار في إسرائيل

تأتي هذه المعلومات الجديدة الحاسمة من فريق بحثي في جامعة ولاية أوريغون. يستخدم هذا الفريق بيانات الأقمار الصناعية الرادارية لرصد التغيرات في البيئة المبنية وبالتالي تحديد الأضرار الناجمة عن القصف في مناطق الحرب. تمكن الفريق بقيادة كوري شير من إثبات وجود أنماط انفجارات واضحة في خمس قواعد عسكرية مهمة في شمال ووسط وجنوب إسرائيل، والتي ظلت حتى الآن سرية من الجانب الإسرائيلي.

ومن بين الأهداف التي تم تحديدها:

قاعدة تل نوف الجوية في وسط إسرائيل، وهي محور هام لطائرات التزويد بالوقود والمروحيات الثقيلة

مركز جلول للاستخبارات بالقرب من تل أبيب، وهو مركز رئيسي للاستخبارات العسكرية

قاعدة زيبوريت بالقرب من الناصرة، وهي منشأة لإنتاج الدبابات وأنظمة الأسلحة

قاعدة أخرى لم يتم تحديد اسمها تابعة للاستخبارات الإسرائيلية

قاعدة لوجستية مهمة لم يتم تحديد اسمها

أظهرت بيانات رادار الأقمار الصناعية أنماطًا واضحة للانفجارات تشير إلى إصابات مباشرة. ومع ذلك، نظرًا لأن فريق كوري شير لم يتمكن حتى الآن من الوصول إلى صور عالية الدقة، ولا يمكن إجراء تحقيقات ميدانية بسبب الرقابة والسرية الإسرائيلية، فإن التقدير الدقيق للأضرار التي لحقت محدود. ومع ذلك، أعلن فريق البحث عن تقييم أكثر تفصيلاً سيصدر في وقت لاحق من هذا الشهر.

نطاق وتكتيكات الهجمات الإيرانية بالطائرات المسيرة والصواريخ

كانت الاستراتيجية الإيرانية تهدف إلى إرباك الدفاعات الجوية الإسرائيلية. وقد جمعت طهران بين الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة البطيئة التي تستخدم لمرة واحدة، حيث كان الهدف من هذه الأخيرة هو إرباك الدفاعات الجوية الإسرائيلية والأمريكية وإرهاق أنظمة الدفاع.

وفقًا للبيانات المعروفة، أطلقت إيران أكثر من 500 صاروخ باليستي وحوالي 1100 طائرة مسيرة على إسرائيل خلال الحرب التي استمرت 12 يومًا. اخترقت عشرات من هذه الصواريخ نظام الدفاع الإسرائيلي-الأمريكي وألحقت أضرارًا جسيمة بالبنية التحتية العسكرية والمدنية. وأصيب 240 مبنى، من بينها جامعتان.

كما تضرر مستشفى ”سوروكا ميديكال سنتر“ في شارع يتسحاق إي راغر 151 في حي ”بئر السبع“، مما أثار جدلاً خاصًا. وفقًا للبيان الإيراني، كان ذلك تأثيرًا ثانويًا لضربة صاروخية دمرت مقر الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (IDF C4I Headquarters) في ”Gav-Yam Negev Advanced Technologies Park“، أيضًا في حي ”Be’er Scheva“. يقع المستشفى على بعد ما يزيد قليلاً عن كيلومتر واحد فقط من موقع الانفجار.

أدى الضغط الناتج عن هذا الضربة القوية على مقر IDF C4I إلى تحطيم جميع نوافذ المركز الطبي وإصابة العديد من المرضى بجروح جراء شظايا الزجاج المتطايرة. ثم استغلت الدعاية الصهيونية هذا الحادث لتصويره على أنه ”هجوم وحشي موجه“ من إيران على مستشفى، في حين أن إسرائيل قصفت جميع المستشفيات الـ 36 الموجودة في قطاع غزة، إما حتى تدميرها بالكامل أو تعطيلها بشكل كبير.

أصبح أكثر من 13000 شخص بلا مأوى في إطار الهجمات الإيرانية، حيث لحقت أضرار جسيمة بالمنازل المدنية جراء أنشطة الدفاع الجوي الإسرائيلية، على سبيل المثال، بسبب سقوط حطام الصواريخ الإيرانية التي تم إسقاطها أو بسبب صواريخ الاعتراض الإسرائيلية التي لم تصب أهدافها وانفجرت عند اصطدامها بالأرض، مما أسفر عن مقتل 28 إسرائيليًا؛ على الرغم من وجود أنظمة إنذار وملاجئ تعمل بشكل جيد.

ارتفاع معدل اختراق الصواريخ الإيرانية

تتعلق إحدى النتائج المثيرة للجدل في التحليلات بمعدل الاختراق المتزايد للصواريخ الإيرانية. في بداية الحرب، قُدر معدل الصواريخ التي أصابت أهدافها بنحو 2 في المائة فقط. لكن هذا الرقم ارتفع إلى حوالي 16 في المائة بحلول اليوم السابع. وفي ليالي 22 و23 يونيو، شوهدت صواريخ وطائرات إيرانية بدون طيار وهي تمطر على حيفا ومدن أخرى، دون أن تواجه أي دفاع جوي يذكر، وذلك في لقطات بثت مباشرة من إسرائيل. ويعزو الخبراء ذلك إلى العوامل التالية:

استنفاد مخزون الصواريخ المضادة لدى الجانبين الإسرائيلي والأمريكي.

تحسن تكنولوجيا الصواريخ الإيرانية، بما في ذلك أنظمة أكثر دقة مثل صاروخ ”فتح“.

التطورات التكتيكية، ولا سيما التنسيق الإيراني الماهر بين الطائرات المسيرة البطيئة والوصول المتزامن للصواريخ الباليستية فائقة السرعة إلى الأهداف الإسرائيلية، فاق قدرات الدفاع الجوي.

يلقي هذا التطور الضوء على نقاط الضعف المحتملة في نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي، بما في ذلك ”القبة الحديدية“ التي تعتبر شبه منيعة، وأنظمة THAAD و Patriot المدعومة من الولايات المتحدة.

الآثار الاستراتيجية

تؤكد قدرة إيران على تمرير نسبة متزايدة من صواريخها عبر أنظمة الدفاع الإسرائيلية على التقدم الذي أحرزته في مجال تكنولوجيا الصواريخ. ومع ترسانة تقدر بـ 2000 إلى 2500 صاروخ باليستي، والإنتاج الضخم المستمر، وعشرات الآلاف من الطائرات بدون طيار، فإن هذا يشكل رادعًا متزايدًا لأي نوايا هجومية جديدة من جانب إسرائيل والولايات المتحدة.

ومع ذلك، تظل ديناميكية الصراع شديدة التقلب. على الرغم من وقف إطلاق النار الذي تم التفاوض عليه في 24 يونيو، يتبادل الطرفان منذ ذلك الحين الاتهامات بانتهاكه. وهددت إيران بشن المزيد من الضربات الانتقامية ضد القوات الأمريكية في المنطقة، بينما أعلنت إسرائيل أنها ستواصل استهداف قدرات إيران العسكرية.

في ظل هذه الخلفية، كيف يمكن تقييم العواقب على منطقة الشرق الأوسط بأكملها؟ من سيُعتبر المعتدي في المنطقة وما هي العواقب على مصداقية الضمانات الأمنية التي تقدمها الولايات المتحدة؟ كيف ستكيف دول الخليج استراتيجياتها العسكرية والدبلوماسية مع المخاطر الجديدة، بما في ذلك أنشطة الجماعات بالوكالة مثل الحوثيين؟ ماذا تقول هذه الأزمة عن مستقبل البرنامج النووي الإيراني؟

هل سيبقى أمام إيران – كما يخشى الكثيرون في الشرق والغرب – سوى السير على نهج كوريا الشمالية، أي صنع أسلحة نووية لنفسها من أجل تحييد التهديد الذي تشكله الولايات المتحدة وإسرائيل؟ هل هناك أي سبل أخرى ممكنة لتحقيق وقف إطلاق النار الدائم وإحياء الاتفاق النووي؟ ما هي التحديات السياسية والاستراتيجية والإقليمية التي تعترض طريق هذه الجهود؟ ستظل هذه الأسئلة وغيرها تشغلنا لسنوات عديدة قادمة.

Vorheriger Artikelمستوطنون إسرائيليون يقتلون أمريكيين – انكشاف نفاق ترامب و”أمريكا أولاً“
Nächster Artikelحرب بين مملكتي تايلاند وكمبوديا

Kommentieren Sie den Artikel

Bitte geben Sie Ihren Kommentar ein!
Bitte geben Sie hier Ihren Namen ein